رشا خوند
أخبار ساخنة

علم الإدارة الفصل الأول-الجزء الثاني


أولاً: نظرية ماك كريغور

في العام 1960 نشر عالم النفس الاجتماعي دوغلاس ماك كريغور كتابه " الجانب الإنساني للمؤسسة" والذي إقترح فيها نظريته الشهيرةX and Y .

وفيها يقول بأن المدراء نوعان لا ثالث لهما، النوع X والنوع Y.

المدراء من النوع X: هم من يعتقدون بأن العمال بطبيعتهم الوراثية كسولين ولا يريدون الذهاب للعمل، وبالتالي يجب إجبارهم للذهاب للعمل تحت طائلة المعاقبة، ويجب أن يبقوا تحت المراقبة الشديدة، وأن يتم إخبارهم بما يجب أن يفعلوه كل الوقت، هذا النوع من المدراء يهتم فقط بالنتائج وغير معني بالمسائل والمشاكل الإنسانية.

المدراء من النوع Y: على النقيض يؤمنون بأن العمال بطبيعتهم الكد في العمل، ويمكن منحهم الثقة للقيام بالعمل كما يجب، وأن العمال يمكنهم أن يسيطروا على أنفسهم، ويوجهوا أنفسهم بشكل جيد، لتحقيق أهداف المؤسسة وطموحاتهم معاً، وعليه لا يتطلبون سيطرة خارجية صارمة، أو أي تهديد بالمعاقبة.

إيمان هؤلاء المدراء بأن الناس بطبيعتهم يرحبون ويطلبون المسؤولية.

مثال عن مدير من النوع X :

فادي مدير جديد يصل إلى معمل للمواد الغذائية، ويشن هجوماً على نمط العمل قائلاً:

"هذا أقذر مكان رأيته في حياتي، من الواضح أنه لا يوجد إلتزام بالمعايير المحددة، هل أنتم لا تعرفون الفخر بعملكم فالمعمل يسير وفقاً لجهودكم، لقد كان واضحاً منذ دخولي من الباب القرف الذي ينتشر في كل مكان مهدداً صحة الزبائن، والمعاملة الفظة وهدر وقتهم بالمعاملة البطيئة، خلال ساعة ستتلقون تعليمات جديدة، وستنفذونها حرفياً دون أي أعذار أو حجج، أسلوب سامر في التساهل ذهب معه، ومن لا يعجبه أسلوبي الباب يخرج جمل."

أنماط إضافية في الإدارة:

لقد مررنا على أكثر النظريات إستقراراً في عالم الإدارة لكن أعماق هذا العالم تتشعب كثيراً، لذا لا بد من المرور على:

بلايك وموتون عام 1964 الشبكة الإدارية:

توازن هذه النظرية لصاحبيها روبرت بلايك وجاين موتون، في ما تسميه منتصف الطريق بين إهتمامات الناس وإهتمامات الإنتاج، وتمنح المدراء مقياساً لفهم نمطهم في الإدارة، لقد كانت هذه النظرية شائعة جداً في الستينات، وإرتكزت على أعمال أبراهام ماسلاو ودوغلاس ماك كريغور، رغم نقدها من قبل أصحابها لكن تبقى هذه النظرية قائمة ومستخدمة حتى اللحظة، وهي تفضل نمط إدارة عمل الفريق كأفضل نمط.

توسع فريد فيدلر حول هذه النظرية في ما أسماه نموذج الطوارئ التي أسست لدراسة شخصية وخصائص المدير، واستنتج بأنه لا يوجد نمط مثالي للإدارة بل تقاس فعالية المدير بالموقف المحدد. 

هيرشي وبلانشارد بين 1970 و1980 القيادة الموقفية:

والتي أيضاً تعطي أبعاد للسلوك الإداري بناءاً على الموقف، وهي تقيس السلوك بعاملين أساسييّن، السلوك التوجيهي والسلوك الداعم، فإذا كان السلوكين ضعيفين تكون النتيجة التفويض بلا دعم أو توجيه لكون الأفراد من أصحاب الكفاءة العالية والإلتزام الجاد، إذا كانا قويين تكون النتيجة التدريب لغياب الكفاءة والالتزام، يستعمل التوجيه دون دعم عند غياب الكفاءة ووجود إلتزام عال، والدعم دون توجيه عند وجود كفاءة شبه عالية والتزام شبه جاد.

إذاً الهدف من استخدام هذه النظرية هو إيجاد النمط المناسب مع المؤهلات المتوفرة للوصول للهدف المرجو، فيعرف المدير متى يستخدم التوجيه ومتى الدعم ومتى التدريب ومتى التفويض.

تاننباوم وشميدت 1973 إستمرارية القيادة:

بينت هذه النظرية العلاقة بين الحرية التي يمنحها المدير للفريق ومستوى السلطة المستخدم من قبله، والعلاقة العكسية بين الإثنين، إذ كلما زادت حرية الفريق نقصت سلطة المدير والعكس صحيح، والتدرج في شكل قرارات القائد بحسب هذه النظرية، هو من المدير يأخذ القرارات ويعلنها، إلى المدير يسوق لقراراته، إلى المدير يقدم أفكاره ويرحب بالأسئلة، إلى المدير يقدم قرارت تجريبية قابلة للتعديل، إلى المدير يضع الإطار التنظيمي ويطلب من الفريق صنع القرارات، إلى يسمح المدير للمرؤوسين بالعمل ضمن قواعد رؤوسائه.

يبقى السؤال الأهم هل التفويض الكبير للصلاحية يعفي المدير من المسؤولية؟ أم أنه يبقى مسؤول مهما فوض من صلاحياته؟

 في الثمانينات ظهرت أفكار جديدة حول أنماط الإدارة، منها بريدج وأزيدس سنتوسع حولها في الفصل الثاني.


ثانياً: أزيدس وبريدجس:

قدّم الدكتور إسحق أزيدس في الثمانينات نظريته حول أدوار المدراء، وقسّم الأدوار إلى أربعة، وإقترح أنه بالرغم من إمكانية معظم المدراء من أداء الأدوار الأربعة، فإنَّ معظمهم سيميل إلى إحدى الأدوار، وحتى سيكون له ترتيب بالأفضلية لها.

وإقترح أن كل دور من الأدوار هو نمط في الإدارة، وبالتالي عند فهم المدير لدوره المفضل وتراتبية الأدوار الأخرى، يمكنه خلق شخصية متوازنة من الأدوار الأربعة للوصول للأداء المثالي، ويحسن التواصل مابين أعضاء الفريق والمدير وفعالية الجميع.

أنماط أزيدس هي:

المنتِج:

وهو الذي يحب أن يظّل مشغولاً ويحقق النتائج التي تلاقي أهداف الشركة، ويجعل مهمته البحث عن ما هو مطلوب لتحقيق الأهداف، دون إهدار الوقت على كل ما هو غير منتج، من اجتماعات، تدريب، تخطيط وتقديم تقارير.

المسؤول:

هو الذي يحب أن يخطط وينظم، هو يحب الأنظمة والتعليمات والقواعد، ويحب أن يضعها في حال عدم وجودها، هو يحب العمل وفق دوام ولا يتأخر عن المهل المحددة، وبالأخص لأنه يعمل وفق الشروط والقواعد.

الريادي:

هو الذي يحب المخاطرة، ويفكر ويبدع أفكار جديدة التي يمكن أن تكون إمتداداً لأفكار قديمة، غالباً ما يكون متحمساً ونشيطاً، ولا يحب أن يعمل وفق دوام، وهو دائم البحث عن أفكار وأساليب جديدة.

الدامج:

هو إجتماعي ويحب دمج كل الفريق بالمهمة والإعتناء بهم، يحب خلق جسور تواصل وروح الفريق في مرؤوسيه، كما يعمل بشكل دائم على فض النزاعات وحل المشكلات، وإعادة تركيز الجميع للعمل كفريق.

بريدجس:

على الرغم من عدم إنخراطه في أنماط الإدارة، إلا أن وليام بريدجس كتب كثيراً عن إدارة التغير، وحدد أربعة عوامل مهمة للتغيير في كتابه الانتقالات: عقلنة تغيرات الحياة:

السيطرة:

هل تشعر أنك مسيطر على الوضع؟

الفهم:

إلى أي حد أنت تفهم التغيير الحاصل؟

الدعم:

أين يمكنك الحصول على الدعم العملي والمعنوي؟

الغرض:

هل يمكنك الإحساس بغرض التغير في الإتجاه الذي يفرضه على نشاطاتك؟

يمكن أن نلاحظ الإرتباط الوثيق ما بين أزيدس و بريدجس، وإمكانية الدمج بين النظريتين، لرؤية أعمق لوجهة الإدارة في إختيار نمطها.

واحدة من المعضلات المرتبطة بكل هذه النظريات هي التعريف المعزول للمدير، وكأنه دائم الإمكانية في الإختيار وفق تفضيلاته، قدراته وخبرته، وعلى الرغم من أهمية هذه السمات، لكن يبقى الغائب الأبرز عن أعمال هؤلاء الكتّاب والمفكرين الإطار المؤسساتي وما يفرضه على أنماط الإدارة.

وهو ما استدعى انتباه المفكرين كوفين وسلافين عام 2007 في دراسة عن مؤسسات الثمانينات، حيث وصلا إلى استنتاج، أن النمط الريادي يعطي نتائج إيجابية في المؤسسات المنظمة عضوياً، ويفشل في المؤسسات المنظمة ميكانيكياً.

لذا نجاح تطبيق هذه النظريات يرتبط بالنمط المؤسساتي(هيكلية وثقافة المؤسسة)، والفعالية تأتي تحديداً من فهم شامل لهذه النظريات وتطبيق الأكثر تناغماً منها مع نمط المؤسسة المعتمد.

وسنرى في الدروس القادمة كيف يخلط المفكرون نفسهم بين مفهومي القيادة والإدارة، لكن تبقى هذه النظريات التي نقدمها المرجع الأساس لعلم الإدارة.

بهذا ننهي الجزء الثاني من الفصل الأول، نعود في الجزء الثالث والأخير لنتابع مع التفويض كنمط من أنماط الإدارة.

علم الإدارة الفصل الأول-الجزء الثاني
kidal

تعليقات

google-playkhamsatmostaqltradent